السويد تتوحد لمواجهة المخاطر الإقليمية والدولية
لطالما اختلفت وجهات النظر بين السياسيين والأحزاب وحتى الأفراد حيال العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن حين يتعلق الأمر بوجود كيان الدولة، واستمرارها، وصيانة أمنها وسيادتها، فإن الجميع يتحد وراء القيادة السياسية والعسكرية، وتصبح مع هذا الوضع جميع النقاشات والاختلافات خلف الأظهر.
وهذا حال السويد خلال هذه الأيام، إذ مع ورود مؤشرات بتنامي المخاطر الاستراتيجية المهددة لأمن وسلامة هذا البلد، فقد أعلنت مختلف الهيئات والمؤسسات المعنية بتدبير الشأن العام، أن الأمر وأمام هذه المعطيات لم يعد يحتمل ما عهده السويديون من ترف أمني واستغراق في الشعور بالأمان الجماعي، وأنه حان الوقت ليستوعب الجميع حقيقة أن الوضع الأمني الإقليمي والعالمي لم يعد كما كان من قبل، وأن التهديدات تزداد خطورتها يوماً بعد يوم، وبالتالي فإن الجميع مطالب بالاستعداد النفسي والعقلي وحتى الجسدي للدفاع عن أمن وسيادة السويد.
مؤسسات الدولة تحذر..
وهو الأمر الذي حث عليه رئيس الوزراء أولف كريسترشون في الملتقى الوطني للمجتمع والدفاع المنعقد في سالين بين الفترة من 7و9 من الشهر الجاري، حيث أشار ـ فيما نقلته عنه وسائل إعلامية ـ أن الوضع الأمني الخارجي مع ما يحيط بالسويد من مخاطر لم يعد كما كان في السابق، وأن الأمر إن كان لا يقصد منه التخويف، فإنه لا ينبغي تجاهله، وبالتالي ضرورة الاستعداد النفسي له، وعدم التهوين من خطورته، مشيراً أن المواطنة تعني الولاء والاستعداد التلقائي للدفاع عن البلد الذي ننتمي إليه جميعا.
فيما وصف قائد قوات الدفاع السويدية ميكايل بيدين الوضع بكونه “خطير للغاية”، وأن قوات الدفاع بذلت مجهودات ضخمة في تطوير وتحديث هياكلها وترسانتها، خصوصاً خلال السنتين الماضيتين، غير أن هذا المجهود سيتم تعزيزه بالوعي الجماعي للشعب السويدي الذي هو حاضنة قوات الدفاع، واستحضر القائد الحالة الأوكرانية، داعياً الجميع إلى التفكير فيها، واستحضار المبادرات الفردية التي يمكن لكل واحد القيام بها لو أن الأمر تطور ليهدد أمن وسلامة السويد، معتبراً أن طرح كل شخص مثل هذه الأسئلة على نفسه سيشكل دليلاً إضافياً واضحاً على قوة وتماسك المجتمع السويدي.
وهو التوجه الذي سار عليه وزير الدفاع المدني كارل أوسكار بوهلين خلال تحذيره من ازدياد المخاطر الأمنية المحيطة بالسويد، مشيراً ـ كما نقلته عنه وسائل إعلامية ـ إلى أن الأمر قد يتجه إلى حالة حرب، وأن المجتمع المدني مطالبٌ بدعم قواته المسلحة، وتعزيز مشاعر الصمود الجماعي، وذلك من خلال الاستعداد النفسي أولاً، ومن خلال تجويد المبادرات الفردية والجماعية، والتي من شأنها تحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة أساساً في صون سيادة السويد وضمان أمنها وسلامة أراضيها وشعبها من كل تهديد خارجي.
وحدة الصف ..
إن هذا الانسجام المطلق في قراءة الوضع الأمني بين مختلف مكونات الدولة وهيئاتها الحكومية والعسكرية، يدل على أن أمراً ما يقع، وأن السويد ليست في مأمنٍ من مخاطر هذا الأمر وتهديداته، ولذلك توجه الجميع إلى الشعب الذي هو الحاضنة الحقيقية لمؤسسات الدولة، لا لتخويفه، ولكن لوضعه أمام تطورات قد تخفى عن الكثير، لكنها غير خافية عن الأجهزة الاستخباراتية للسويد، سواء المدنية منها أو العسكرية، وهذا هو حال الديموقراطيات العريقة، والدول التي تحترم شعوبها، إذ هي دائماً ما تحيطهم بطبيعة الأوضاع والقرارات المصيرية المتصلة بها، كسياسةٍ استباقية، وإجراءٍ وقائي، يعزز الصف الداخلي، ويحمل الفرد المسؤولية الوطنية للتضحية في سبيل الوطن الذي أعطى الكثير، وله علينا حق الدفاع عنه.
ونحن بدورنا ـ كأفراد ومؤسسات مجتمع مدني ـ لا ندعو للتخويف، ولكننا نثق في تصريحات وقراءات مؤسساتنا الوطنية، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالقضايا المصيرية، وعلى رأسها صون سيادة السويد وضمان وحدة أراضيها وسلامة شعبها، ورد أي شكل من أشكال العدوان الغاشم الذي تجرمه جميع المواثيق والأعراف الدولية، وترفضه جميع القيم الإنسانية والتعاليم الدينية والشرائع الكونية
سمير الرابحي
رئيس مجلس إدارة “السويد العالمية للأنباء”
مدير الموقع الإلكتروني